بدأت العمارة الرومانسكية في فرنسا بالظهور نهاية القرن العاشر بالتزامن مع تطور المجتمع الإقطاعي وظهور الرهبانية لاسيما الدومينيكان وهم الذين كان لهم دور في بناء الكثير من الكنائس والأديرة المهمة، واستمرت سيطرة العمارة الرومانسكية على العمارة الدينية حتى أن ظهرت في إيل دو فرانس العمارة القوطية الفرنسية بين عامي 1150- 1140.
الطراز الرومانسكي الفرنسي:
فرنسا كانت دولة مقسمة إلى مجموعة من القطاعات المتفرقة في أوائل العصور الوسطى، وكانت في تلك الفترة تعاني من حالة من الفوضى المعمارية حتى أوائل القرن الحادي عشر، حيث إنه قد نشطت جماعة من الرهبان وقد بدأ نفوذ الرهبان في ازدياد حتى تحولت الأديرة إلى مصدر للعلوم وللثقافة، وفي منتصف القرن الثاني عشر قد بدأ في الظهور عدة أمثلة معمارية مهمة خاصة في جنوب فرنسا والتي كانت متأثرة بالطراز الروماني القديم.
يمكن القول أيضا أن الطراز الرومانسكي الفرنسي قد تأثر بشكل كبير بعدة طرز أخرى كالطراز البيزنطي والطراز العربي أيضا، ويمكن القول أن سبب ذلك التأثير هو العلاقة الموجودة بين كل من جنوب فرنسا والشرق من خلال مدينة البندقية، أما عن التأثير البيزنطي فقد كان متشكلا في استخدام القبب المعلقة، والطراز العربي كان متمثلا في استخدام الآرشات.
العوامل المؤثرة على الطراز الرومانسكي الفرنسي:
⦁ التأثير الجغرافي:
فرنسا تتميز في موقعها الجغرافي بموقع ممتاز في القطاع الغربي من قارة أوروبا، ويمكن موقعها بالضبط في المنتصف بين الجنوب والشمال، وكانت فرنسا متصلة بطرق داخلية طبيعية تربط بها عدة جهات مثل الأنهار والطرق التي تقوم بالربط بين كل من المحيط الأطلسي وبين البحر الأبيض المتوسط وبين بحر الشمال الإنجليزي، وقد دخلت الحضارة الرومانية إلى دولة فرنسا عن طريق نهر الراين، وبالنسبة لحضارة الشرق فقد وجدت طريقها إلى فرنسا من خلال طريق البحر الأبيض المتوسط والجنوب فينسيا ومن شمال إفريقيا.
⦁ التأثير الجيولوجي:
محاجر الأحجار كانت متوافرة في دولة فرنسا بشكل كبير لدرجة أنه كان يتم تصدير الأحجار إلى انجلترا وذلك لكثرته في الدولة، ومن هنا قد بدأ استعمال الحجر كمادة أساسية في البناء ومادة جمالية أيضا في بعض الأحيان، ولأنه كان يوجد اختلافات بين درجات الحرارة بين الجنوب والشمال وظهرت نتائج ذلك في فتحات الشبابيك والأبواب.
⦁ الـتأثير التاريخي والديني:
المسيحية في دولة فرنسا قد بدأت في عام 35 ميلادي، وبعد ظهور المسيحية في البلاد وانتشارها في البلاد أقيمت الكثير من الأديرة والكنائس، أما من ناحية التاريخ فقد مرت فرنسا بالعديد من الأحداث المهمة والتي انعكست على المباني والمنشآت العامة في تلك الفترة،