التكعيبية هي أحد أساليب الفنون البصرية، وقد تم إنشاؤها في باريس على يد كل من الفنانين جورج براك وبابلو بيكاسو في بدايات القرن العشرين، حيث إنه في ذلك الوقت كان للمدرسة التكعيبية تأثيرا كبيرا، وخصوصا بعد لوحة الفنان بيكاسو المشهورة (Demoiselles D’Avignon) والتي كانت تحتوي على عناصر من النمط التكعيبي. [1]
معنى التكعيبية:
المفهوم الحقيقي وراء الفن التكعيبي هو إحالة كل الأشكال التي نراها إلى عناصرها الهندسية التي كانت عليها في البداية من مربع ودائرة ومثلث، [1] وكان ذلك الأسلوب يركز على الأبعاد الثنائية للصورة كما اعتمد ذلك الأسلوب التكعيبي على تجميع مواضيع مختلفة داخل لوحة واحدة، مما نتج عنه ظهور لوحات للتيار التكعيبي مجردة وجزأة. [2]
نشأة الحركة التكعيبية:
نشأت الحركة التكعيبية وتبلورت لمدة زمنية قصيرة تقارب الثلاثة عشر عاما، منذ عام 1907 حتى عام 1920، وتعتبر الحركة التكعيبية أحد أهم وأول الحركات الفنية الطليعية في القرن العشرين والتي قد أسهمت في انطلاق شرارة التحديث في الفن التشكيلي، حيث كانت الحركة التكعيبية متقدمة لمسيرة التغيير في أساليب التعبير الفنية والتي تصاعدت من الرسم حتى وصلت لباقي الفنون كفن العمارة والتصميم الداخلي. [1]
دور الحركة التكعيبية في فن العمارة والتصميم الداخلي:
لعب التقدم الصناعي الذي ظهر في القرن التاسع عشر دورا كبيرا في المواد الإنشائية التي ظهرت وقتها كالزجاج والفولاذ والحديد والخرسانة، والتطور العلمي وتطور الآلات قد ساعد في تطوير طرق التصميم والبناء واستخدام الأجزاء الإنشائية لإنشاء أبعاد وفراغات كبيرة وواضحة، وظهر تزامنا مع تلك الفترة الحركة التكعيبية التي أثرت في الفن والعمارة. [1]
بعد الحرب العالمية الأولى كانت هناك حاجة تستدعي إلى إنشاء منشآت ومباني كثيرة، وقد جعل ذلك الأمر الكثير من المعماريين يطوروا الحركة المعمارية الحديثة، وقد ظهر نتيجة لذلك العديد من المهندسين المعماريين وكان من بينهم المعماري الكبير السويسري لو كوربوزييه الذي انتهج تلك الحركة وصمم مباني تمتاز بالأشكال التكعيبية ومواقع فتحات دقيقة للنوافذ وواجهات مستوية للجدران كما أن ذلك يتضح كله في فيلا سافوي التي صممها. [1]
فيلا سافوي للمعماري لو كوربوزييه وتطبيقها للحركة التكعيبية:
فيلا سافوي تعد أحد أعمال لو كوربوزييه تعقيدا وبراعة حيث قد تم تطبيق المبادئ الخاصة بالحركة التكعيبية في عدة نواحي بها، فمثلا قد تم تصوير الفضاء الداخلي للفيلا وكأن له علاقة بالناظر، فإما أن يكون الفضاء أو الناظر له في حركة، وهذه الفكرة تعد فكرة مجازية أكثر بكثير من كونها فكرة ملموسة وحقيقية، وعلى الرغم من ذلك فحقيقتها النفسية مهمة جدا بالنسبة للاتجاهات الحديثة في العمارة وتصميمها الداخلي. [1]
منذ طرح فكرة التداخل بين كلا من الفضاءين الخارجي والداخلي، فإن الفضاء نسبة لذلك المفهوم ينساب كالموج، وبعيدا عن الناظر، فعندما يكون الناظر خارج البيت فإن الفضاء ينساب للداخل والعكس صحيح فعندا يكون داخل البيت فإنه ينساب للخارج، فالناظر يعتبر منبعا لتحسس الفضاء ومن البديهي أن الفضاء ينساب إلى مسار يمكن ادراكه ثم ينساب لخارج مجال رؤية الناظر. [1]
وتلك الأسس والنظريات نراها متواجدة في فيال سافوي الخاصة بالمعماري لو كوربوزييه، حيث قام بتوحيد كلا من فراغ المعيشة والشرفة المفتوحة المتواجدة بجانبها، حيث إنه كان يفصل بينهما فقط جدارا من زجاج، مما نتج عنه شعور بالتوحد بين غرفة المعيشة والشرفة. [1]
سعى لو كوربوزييه أيضا إلى جعل مكان خاص للتشميس بسطح الفيلا وقام بإحاطته بشاشة عريضة وملتوية وكانت عبارة عن جدار رقيق يدرك من الخارج على أنه أسطوانة كبيرة وبيضاء جعل منها لو كوربوزييه عنصر تكوين أساسي لحجم الفيلا، وذلك لكي يخفف من صرامة الهيئة الأساسية وزواياها المستقيمة. [1]
حرص لو كوربوزييه على جعل الشكل العام لفيلا سافوي تتسم بقدر كبير من الإحساس بالهندسية المنتظمة، ونفذ هذا الأمر عن طريق توظيف الخطوط الأفقية للسطح المستوي والمعالجات المنطقية والبسيطة لواجهات الفيلا التي بها نوافذ شريطية، وأكد طبيعة التشكيل الهندسي الأساسي للفيلا عن طريق جعل شكل نوافذ الشرفة المفتوحة يشابه شكل النوافذ في الغرف السكنية المغلقة، وعلل ذلك بأنه كان يرغب في إرهاف المنظر الخارجي والتشديد عليه من خلال فتحتا الجدار الذي يحيط بالشرفة. [1]