العامود في العمارة عنصر إنشائي، أو عنصر قائم، داعم لسقف أو جدار أو أسكفة – عتبة أو عقد، ويراد منه نقل أحمال العناصر الأفقية في التسقيف بحسب الحلول المعمارية إلى القواعد والأساسات التي تنقلها للأرض، والقصد منه الاستفادة من المساحات الحرة التي توظف كفضاءات معمارية. كانت الأعمدة أحد أهم العناصر في فن العمارة أو فن البناء المصرى وكذلك اليوناني، وقد كانت الفكرة الأساسية لاستخدام الأعمدة في العمارة المصرية القديمة أن تستخدم الأعمدة الحمل السقف الخفيف المدخل أو شرفة مقصورة أو مسكن، ثم استخدمت لحمل ما فوقها من بناء. وكان العمل الأساسي للأعمدة لدى اليونانيين هو حمل طنف السقف وإزاحة جدران المعبد الداخلي من قوة دفع السقف ذي "الجمالون" إلى الخارج، وفوق الأعمدة يقوم الرواق أي الطابق العلوي من البناء، وأيضاً تكون الأعمدة في الرواق، كما في الأجزاء السائدة، ثم تطورت الأعمدة في العمارة اليونانية حتى صارت من عناصر الجمال كما صارت دعائم يستند إليها البناء، ونفس الشئ بالنسبة للأعمدة المصرية، وبالرغم من انتشار طرز الأعمدة الإغريقية في مصر، لم تنتقل تلك الطرز من أو إلى مصر بحذافيرها، أو حتى انقرضت في فنون الإقليم المصري، كما أن ظهور طرز الأعمدة المصرية و الإغريقية في عمائر مصر في العصر البطلمي لا يعد دليلاً على امتزاج الطرازين المصرى والإغريقي وحضارتيهما، لكن كان نتيجة لالتقاء المصريين والإغريق في بيئة واحدة ومقدرة الفنان على التكيف بحسب الظروف المحيطة به.
العامود الدوري قد يكون مفرطاً في الثقل، مفرطاً في سمكه بالنسبة إلى أرتفاعه، مغرقاً في الصلابة والقوة إغراقاً. كان العمود الدوري يقوم مباشرة فوق الدرجة العليا من قاعدة البناء دون أن تكون له قاعدة خاصة، ويتكون العامود الدوري من بدن، ويزدان البدن من أسفل بحزوز ضحلة محدودة الجوانب، ثم يتسع العامود أتساعاً ظاهراً في وسطه ويتكون منه ما يسميه اليونان ( إمتداداً ) له، ثم تقل سعة العامود الدوري بعض الشيء كلما قرب من قمته، فيكون أشبه بالشجرة ومناقضاً للطراز المينوى- الميكيني، وبدن العامود الدوري يضيق قليلا كلما اتجه إلى أعلى- لذا يبدو ثقيلاً في أعلاه غير جميل في منظره، وفي أعلى نهاية بدن العامود الدوري توجد الرقبة وهي بشكل رباط مستدير يقوم في أعلاه التاج، وفوق التاج العارضة، والعارضة في الطراز الدوري كانت بسيطة أو كانت تحمل فوقها طنفاً بسيطاً ملوناً، وكانت الكتل المائلة التي يتكون منها إطار السقف في الطراز الدوري تنحدر إلى أسفل، وتمسكها الكتل الأفقية.
فوق قاعدة البناء يقوم العامود الأيوني على قاعدة خاصة به، وتبدأ من أسفلها كما تنتهي في أعلاها بشكل طوق أو شريط ضيق من زخرفة الأسنان، ويتكون العامود الأيوني من بدن رفيع ينقص في سمكه من أسفل إلى أعلى قليلا ( نقصاً لا تكاد العين تدركه ) ، وفي العادة كان بدن العامود الأيوني أكثر أرتفاعاً وأصغر قطراً من بدن العامود الدوري، وينتهى بدن العامود الأيوني بحزوز غائرة، نصف دائرية تفصلها عن بعضها أطراف منبسطة، وكان تاج العامود الأيوني يتكون من وسادة محدبة ضيقة، ويعلوها تاج ( حمال ) أصبق منها، وبينهما تبرز تلفيفة أو زخرفة لولبية مزدوجة ( حلزون الأيون ) ، وهذه الزخرفة تكاد تخفى الوسادة والحمال عن العين كأنها ملف مطبوق نحو الداخل، وذلك عنصر مأخوذ عن الأشكال الحيثية، والأشورية، وغيرهما من الأشكال الشرقية، أما العارضة في العامود الأيوني فكانت تتكون من ثلاث طبقات تبرز كل منها تحت ما فوقها، وكان في أعلاها حلية حيث أن الكتل المائلة التي يتكون منها إطار السقف كانت أطرافها الثلاثة مجتمعة يتكون منها سطح مقسم ثلاثة أقسام، ويترك بين كل قسم والذي يليه فراغ تتكون منه نافذة مفتوحة - وإذا كان السقف من الخشب أو الحجر المقلد للخشب أو من قطع القرميد المحروق لا توجد نقوش - : فإذا ما أستعملت في السقف قطع مسطحة من الرخام فإن هذه "النوافذ" ونقوش الطنف كانا يستخدمان في البناء الواحد.
وهو الذي أزدهر في كورنثا ، وذو تأثيرات مصرية، ويشبه العامود الأيوني إلى حد كبير، لكن تاجه بشكل نسقين من أوراق الأكانثوس Acanthus . وجد المثالون في pediment ( القواصر ) أحسن الفرص لإظهار فنهم، وكان في وسعهم نقش الصور فيها نقشا كبير البروز، وتكبر بحيث يستطيع أن يراها من يقف في أسفل البناء؛ وكانت الأركان المتجمعة أو الطبول - عند المعماريين وسيلة تختبر بها مهارة الفنان العظيمة، وكان في استطاعة المثالون أن يجعلوا السقف نفسه تحفة فنية تجملها قطع القرميد الزاهية الألوان والمثقفات التي تستخدم لتصريف مياه الأمطار، وتتحد في الوقت نفسه قواعد للتماثيل العليا ترتفع من زوايا القواصر، وقصارى القول أنه كان يوحد في الهيكل اليوناني، وبين الأعمدة، وعلى الجدران، وفي داخل البناء نفسه، ما يزيد على الحاجة من التماثيل والنقوش وكانت للرسام أيضاً يد في زينتها، فقد كانت فنون لتحت والنقش والتصوير وثيقة الاتصال بعضها ببعض، وكانت كلها تستخدم في العمارة.
وأخيراً البساطة في عمارة الأعمدة المصرية والإغريقية كانت مقرونة بالجمال والأنسجام والالمام المتميز بعلم العمارة بما يشمله من هندسة البناء وحساب الضغط ومقاومة الأجسام وغير ذلك من متطلبات العمارة مما أوجد العظمة والضخامة. والاكثار من استعمال الأشكال المستطيلة أو المربعة المتجاورة أو المتداخلة في العناصر المعمارية للأعمدة، هذا بالإضافة إلى الاهتمام بتذوق الطبيعة وولوج باب الحياة والحركة مما أحدث تعديل في فلسفة العمارة.
Tags
طرز معمارية